سؤال محير حول دور البنك المركزي
صورة أوضح عن موازنة العراق الكبرى: 15 ملاحظة مقلقة عن خرق العجز وسقف الديون
بغداد – ميسون الشاهين
غطت حماسة الإطار التنسيقي لتشريع أضخم موازنة في تاريخ البلاد، على نقاش الخبراء بشأن تأثيراتها، وأخذت الجوانب السياسية حيزاً أكبر من المراجعات العلمية والحسابية، ولجأت شبكة 964 الى ثلاثة مختصين في مجالات الاقتصاد لمعرفة أهم ما يستحق التوقف عنده في بنود الموازنة التي ستتكرر ثلاثة أعوام، وفيما يلي عرض إجمالي لما حصل حتى الآن، مع تسجيل 15 ملاحظة أساسية على مسودة قانون الإنفاق التي ينتظر أن يصوت عليها البرلمان.
ماذا حدث؟
تقول مصادر سياسية متطابقة، إن أقطاب تحالف “إدارة الدولة” أجروا خلال اليومين الماضيين “تسوية سرية وطارئة”، للخلافات على بنود الموازنة المتعلقة بحصة إقليم كردستان، وآلية تصدير النفط من حقول أربيل، الأمر الذي يعني أن مسودة القانون ستعود إلى سكة التشريع هذا الأسبوع.
وسيطرت “الملاحظات السياسية”، كما يصفها قيادي في الإطار التنسيقي، على مفاوضات الموازنة، متأثرةً بالاستحقاق الانتخابي المقبل لمجالس المحافظات، وغابت المراجعات الفنية لمشروع القانون، فيما لم يكن هناك متسع من الوقت لتقييم تداعياتها على المدى البعيد، وفق خبراء عراقيين.
964 طلبت من ثلاثة خبراء في الاقتصاد والمال تدوين ملاحظاتهم الفنية على الموازنة، للمساعدة في تقديم صورة أوضح عن “ثغرات ومخاطر” الموازنة.
صورة أوضح عن الموازنة الأضخم: 450 مليار دولار مشروطة بوعود الإطار للحلبوسي
خلفية
أقرّ مجلس الوزراء، في 13 آذار الماضي، أضخم موازنة مالية، زادت على 197 تريليوناً و828 مليار دينار، وبعجز بلغ 63 تريليون دينار، واعتمدت سعر نفط يصل إلى 75 دولاراً للبرميل الواحد، وبسعر صرف 1300 دينار لكل دولار.
آخر نسخة محدثة من الموازنة المالية بعد التعديلات الأخيرة
رابط: https://t.co/1V5aaSxbNa#شبكة_964#العراق_بصورة_أوضح#بغداد
— 964 (@964arabic) May 28, 2023
مأزق البنك المركزي.. مضاعفة مستحيلة؟
وفقاً لهذه الموازنة، فإن احتياج العراق اليومي من المصاريف يصل إلى 550 مليون دولار، في حين لا تتجاوز مبيعات البنك المركزي يومياً 300 مليون دولار، بسبب قيود المنصة الإلكترونية.
ولتغطية الفارق الذي يبلغ نحو 250 مليون دولار، فإن على السلطات المعنية اللجوء إلى واحد من خيارين، وفقاً للخبير الاقتصادي، منار العبيدي.
يفترض الخيار الأول، رفع مبيعات النافذة اليومية إلى 450 مليون دولار، لسحب 550 مليار دينار عراقي من السوق، لكن قيود البنك الفيدرالي الأميركي لن تسمح ببيع أكثر من 270 مليون دولار يومياً.
وحين يعجز البنك المركزي عن تأمين حاجة الدولة من العملة المحلية، سيلجأ إلى طبع الدينار، كخيار ثانٍ، لكن ارتفاع العملة النقدية المصدرة مقابل الاحتياطي بنفس القدر – أو أقل إذا انخفضت أسعار النفط – سيؤدي إلى التضخم الحتمي.
ويعتقد خبير الاقتصاد منار العبيدي، في تصريح لشبكة 964، أن حل هذ المشكلة ممكن من خلال تحفيز بطاقات الدفع الإلكتروني، وتشجيع الناس على وضع ودائعها لدى البنوك، حينها سيكون لدى البنك “كاش” عراقي حقيقي، يستطيع أن يستدينه من المصارف، ويقدمه للحكومة بدلاً من طباعة العملة.
صورة أوضح عن سعر الصرف.. واشنطن تزرع حارساً على دولار العراق
أخطاء وعجز دائم
راجع ثلاثة خبراء عراقيين بنود الموازنة العامة، وسجلوا لشبكة 964 جملة ملاحظات فنية، أبرزها أن العراق سيضطر إلى الاستدانة لتغطية العجز الناجم عن تقلبات سوق النفط، إلى جانب توقعات مقلقة عن ارتفاع في أسعار الخدمات الأساسية، سيرافقه انخفاض حاد في قيمة الدينار.
أستاذ الاقتصاد في جامعة البصرة، نبيل المرسومي، لشبكة 964:
- موازنة السنوات الثلاث تخالف الفكر المالي العالمي، الذي يشترط تحديدها بعام واحد، مراعاة لتحولات السوق المفاجئة.
- أعباء الموازنة ثابتة بـ130 تريليون دينار، وستذهب للرواتب والرعاية الاجتماعية والصيانة وأقساط الدين، بقدر يفوق الإيرادات النفطية هذا العام والبالغة 117 تريليون دينار.
- حجم العجز يبلغ 64 تريليون دينار، ويعادل 17 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو أكبر من المسموح به في قانون الإدارة المالية الذي يحدد النسبة ب3 في المئة.
- النفقات التشغيلية ستجعل الموازنة في عجز مستديم وتزيد من حجم الاقتراض، خصوصاً أن الموازنة الثلاثية تطلق يد الحكومة لتقترض داخلياً وخارجياً، دون الرجوع إلى البرلمان.
- من المرجح أن يتجاوز الدين العراقي الخط الأحمر البالغ 60 في المئة، من الناتج المحلي الإجمالي.
الخبير دريد العنزي، لشبكة 964:
- الموازنة تعزز الإدارة المركزية لصالح بغداد، لأن حصة الحكومات المحلية أقل بكثير من حصة الوزارات، لكن توزيعها عشوائي بين المحافظات.
- يكمن الخطر في هذه الموازنة، حين ينخفض سعر النفط عن 70 دولاراً، لأن العراق لا يملك إنتاجاً يدر العملة الصعبة سوى النفط، وإذا اختلفت الأسعار العالمية سيسقط العراق في فخ المديونية.
- إلغاء الضريبة على الهاتف النقال والبالغة 20 في المئة، مقابل فرض رسوم على الوقود سيرفع أسعار الخدمات الاقتصادية، إلى جانب ارتفاع سعر المنتج المحلي، الأمر الذي سيسمح بدخول المنتج المستورد.
منار العبيدي: إقرار الموازنة وفق مبلغ 199 ترليون دينار قد يضخم السوق ويرفع أسعار السلع | #مع_ملا_طلال#UTV_عراق
تابعونا على تيلغرام: https://t.co/xx4hh8MnvM pic.twitter.com/iqyjrfVQGs— Utv (@UtvIraq) May 24, 2023
الخبير منار العبيدي لشبكة 964:
- دعم البطاقة التموينية ما يزال مستمراً بشكل أكبر، رغم عدم وجود تعداد سكاني واضح، ودون مراجعة حقيقية للفئات الاجتماعية المستهدفة.
- الموازنة طرحت إيرادات غير نفطية بقيمة 17 تريليون دينار، وهي غير قابلة للتحقيق، لأن معدل السنوات السابقة للإيرادات غير النفطية لم يتجاوز 8 تريليون، ورفعها الآن لهذه النسبة، يقترن بأرقام غير دقيقة.
- التعرفة الكمركية ارتفعت إلى 6 تريليون، بعد أن كانت في السنوات السابقة 2 تريليون في أفضل حالاتها، كما زادت الضرائب 2.7 تريليون، وهي لا تتجاوز 800 مليار.
- الموازنة خصصت 5 مليار دولار لاستيراد المشتقات النفطية، رغم الإعلان عن تشغيل مصفى كربلاء، الذي يفترض به أن يسد حاجة البلاد الفعلية.
- استحداث 800 ألف درجة وظيفية جديدة، لدولة مثقلة بالمصروفات التشغيلية، خطأ فادح سيؤدي إلى مشاكل على المستوى البعيد.
- المراهنة على سعر افتراضي للنفط، عام 2024، يشبه المقامرة، كما أن الحفاظ على إنتاج 3 ملايين ونصف برميل يومياً قد يكون مستحيلاً عندما يتقلب السوق العالمية، لأي سبب وتحت أي ظرف.